مقدمة
الحمد لله، أما بعد: فإن هذه الرسالة الوجيزة تبحث عن قضية لها تعلق بالعقيدة الشرعية وهي قضية الوقوف على حقيقة عقيدة بني إسرائيل، وهل لهم الآن وجود يسمون بهذا الاسم أم لا وجود لهم، لأنهم حين ما يسأل عنهم سائل يقول له أكثر الناس وبعض العلماء هم اليهود لظنهم أن تسميتهم بإسرائيل منطبقة عليهم حقيقة ومعنى هذا الاعتقاد خطأ فما هم بإسرائيل ولا بني إسرائيل منهم قد انفصلوا بكفرهم عن بني إسرائيل في زمن بني اسرائيل، كانفصال إبراهيم الخليل عن أبيه آزر، لما تبين له أنه عدو الله تبرأ منه والكفر يقطع الموالاة والنسب بين المسلمين والكافرين، كما حكى الله – سبحانه – عن نبيه نوح لما قال: إن ابني من أهلي، أي وقد وعدتني بأن تنجني وأهلي، فقال: يا نوح إنه ليس من أهلك، ومن المعلوم أن بني إسرائيل في أصلهم ونشأتهم كانوا مسلمين وإن كان كفر منهم من كفر، أما اليهود فهم اليهود إسما ورسماً من زمن بني إسرائيل إلى حد الآن ويلحق بهم كل من انتحل بعقيدتهم من شتى الأمم، إذ ليس كلهم قد انفصلوا عن بني إسرائيل.
وإن أشد ما نحاذره ونتقيه من قلب اسم اليهود إلى اسم إسرائيل هو أن بني إسرائيل في ابتداء نشأتهم مسلمون وقد أكثر القرآن الكريم من ذكرهم وأن الله فضلهم على العالمين في زمانهم، وجعل فيهم أنبياء وجعل فيهم ملوكاً وأتاهم ما لم يؤت أحداً من العالمين، وهذا الفضل والتفضيل إنما تحصلوا عليه لما كانوا متمسكين بالدين وطاعة رب العالمين، ثم إنها تقطعت وحدة بني إسرائيل وذابوا بين الأمم، كما قال - سبحانه -:
﴿وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا ۖ مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَٰلِكَ ۖ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ١٦٨﴾، – فلم يبق لبني إسرائيل باقية تذكر بهذا الاسم.
وبطول الزمان يخشى أن ينخدع الناس بتسمية اليهود باسم إسرائيل فينسبون لهم جميع الفضائل والصفات الحسنة المنسوبة لبني إسرائيل لما كانوا مسلمين، ثم يزول عن اليهود اسمهم الحقيقي الذي هو عقيدتهم والمتضمن لذمهم وضلالهم، فيبقي هذا الأسم الحقيقي بمثابة اللقب الذي يستقبح النطق به، وهذا حاصل ما جري النصح بموجبه، والله الموفق للصواب.
المؤلف