[نماذج من حملته على المفسرين]
فكلامه في ابن كثير والحط من قدره وتفسيره إنما هو بمثابة التمهيد منه لهدم سائر التفاسير الإسلامية المتضمنة لمعاني القرآن الحكيم، فهو يريد تحطيمها لقطع صلة الناس بها، ويستدعي إلى الإقبال والقبول لتفسيره الذي هو كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا... فتفسيره لا يمت للتفسير الشرعي بصلة ولا للغة العربية، بل هو أجنبي وغريب عن معرفة معاني الآيات القرآنية واللغة العربية.
سبكناه ونحسبه لجينًا
فأبدى الكير عن خبث الحديد
فدونك نص لفظه الدال على شدة ضغنه وبغضه لجميع علماء المسلمين المفسرين من المتقدمين والمتأخرين وكأنه قد أخرج نفسه برغبته واختياره عن المسلمين.
قال في الصفحة الثالثة من مقدمة كتابه: (إن المسلمين المفكرين في زماننا شأنهم كشأن المسلمين المفكرين القدامى قد عجزوا تمامًا رغم التقدم الملحوظ في علوم الفلك والطبيعة عن فهم الآيات الكونية في القرآن الكريم فهمًا صحيحًا، وعجزوا بالتالي عن المساهمة في تقدم هذه العلوم مما يدل على أن هذا العجز الإسلامي في التفكير غير متعلق بتقدم هذا العلم أو ذلك).
ثم عاد يقول: (كذلك عجز العلماء والمفكرون من المسلمين قديمًا وحديثًا، لأنه لم يكن لهم دور في الفهم المستقل غير المرتبط بالإسرائيليات والنظرات الضيقة والروايات المنسوبة لكبار المفسرين والعلماء والمفكرين كابن عباس والسدي وغيرهما فلم يفرقوا بين الغث والسمين).
ثم عاد يقول: (إن التصور القديم والحديث لدى علماء الدين والمفكرين المسلمين للسموات والأرض هو تصور خاطئ ويقوم في مجمله على أسس واهية من الفكر السطحي، وها هي كتبهم القديمة وسجلاتهم تبث حيرتهم البالغة في تفسير السموات والأرض.
وإنه بسبب هذا العجز البالغ وتلك الحيرة ظل الفكر الإسلامي مقيدًا ومغلولاً وغير قادر على حسم الموقف الفكري الحديث لصالح الهدى والإيمان بالله).
ثم عاد يقول: (فإذًا لا بد من تحرك فكري سريع يأخذ زمام المبادرة الفكرية من أيدي الحيارى والعاجزين).. انتهى.
وأقول: إن هذا الكاتب قد كشف للناس لباسه وأبدى لهم سوأة التباسه، سقط من قمة الهدى فهوى، ثم امتطى غارب الغي فغوى. فدونكه يسير هائمًا في مهامه الجهالة والضلالة لم يلجم نفسه بلجام التقوى فنزعت به إلى شر غاية وأبعد أمد. ﴿إِنَّ ٱلنَّفۡسَ لَأَمَّارَةُۢ بِٱلسُّوٓءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّيٓ﴾ [يوسف: 53] وأنه قد أثارها حربًا شنعاء على الدين وعلى القرآن الحكيم وعلى كافة علماء المسلمين المتقدمين والمتأخرين حتى الصحابة والتابعين وحتى رسول رب العالمين بعبارات تقتضي الجنف والجفاء، وتنافي الإنصاف والحفاء، قد جعل الجد عبثًا والتبر خبثًا والحق باطلاً والباطل حقًّا.
ومن المعلوم أن قبح الجفاء ينافي الحفاء، وأن نجوم الظاهر يدل على خبث الباطن، وأنه لم يجترم أحد جريمة يعم بها جميع علماء المسلمين المفسرين من المتقدمين والمتأخرين كجريمة هذا الكاتب الذي ينبض قلبه بالضغن وقلمه بالطعن على كافة علماء المسلمين المفسرين، حيث سجل عجزهم وحيرتهم عن فهم القرآن الكريم، يريد بذلك فهمًا وتفسيرًا يخرج القرآن عن معانيه الصحيحة إلى العلوم الطبيعية الكونية والنجوم الخفية وسائر العلوم والفنون المادية.. فكلامه يعد من الباطل المكشوف الذي يؤكد بعضه بعضًا في البطلان ومن أنه لم يبق من لدن نزول القرآن إلى هذا الزمان من يعرف معاني القرآن حتى ولا النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، فإن هذا من لوازم قوله. ﴿كَبُرَتۡ كَلِمَةٗ تَخۡرُجُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبٗا ٥﴾ [الكهف: 5].
نعوذ برب الناس من كل طاعن
علينا بسوء أو ملح بباطل
ومن كاشح يسعى لنا بمعيبة
ومن ملحق في الدين ما لم نحاول