الحديث الحادي عشر:
روى ابن ماجه عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ قال: «لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ إِلَّا شِدَّةً، وَلَا الدُّنْيَا إِلَّا إِدْبَارًا، وَلَا النَّاسُ إِلَّا شُحًّا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ، وَمَا الْمَهْدِيُّ إِلَّا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ».
وقالوا: إن هذا الحديث مشهور بمحمد بن خالد الجندي المؤذن شيخ الشافعي.
وهذا الحديث لو صح لقضى بإبطال سائر الأحاديث في المهدي، ولكنه ضعيف عندهم لمخالفته لسائر الأحاديث، ولا يقل عن ضعف سائر الأحاديث المذكورة في المهدي، وهنا حديث كثيرًا ما يحتج به المتعصبون للمهدي وهو: أن المهدي مع المؤمنين يتحصنون به من الدجال، وأن عيسى عليه السلام ينزل من منارة مسجد الشام، فيأتي فيقتل الدجال، ويدخل المسجد وقد أقيمت الصلاة، فيقول المهدي: تقدم يا روح الله، فيقول: إنما هذه الصلاة أقيمت لك، فيتقدم المهدي، ويقتدي به عيسى عليه السلام إشعارًا بأنه من جملة الأمة، ثم يصلي عيسى عليه السلام في سائر الأيام. قال علي بن محمد القاري في كتابه: الموضوعات الكبير؛ بأنه حديث موضوع.
وإننا متى حاولنا جمع أحاديث المهدي التي يقولون بصحتها وتواترها بالمعنى، وقابلنا بعضها ببعض، لنستخلص منها حديثًا صحيحًا صريحًا في المهدي، فإنه يعسر علينا حصوله، وكلها غير صحيحة، ولا صريحة ولا متواترة بالمعنى، بل هي متعارضة ومتخالفة، وغالبها حكايات عن أحداث، ومتى حاولت جمعها نتج لك منها عشرة مهديين، صفة كل واحد غير الآخر مما يدل بطريق اليقين أن رسول الله ﷺ لم يتكلم بها، منهم مثلاً:
1- مهدي يخرج من اثني عشر خليفة الذين يستقيم بهم الدين.
2- ومهدي استخرجوه من حديث: «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلا يَوْمٌ، لَبَعَثَ اللهُ رَجُلًا مِنَّا، يَمْلَؤُهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا».
3- ومهدي منا أجلى الجبهة، أقنى الأنف.
4- ومهدي يقول فيه رسول الله ﷺ: «الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي، وَمِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ».
5- ومهدي يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة إلى مكة، فيبايعونه بين الركن والمقام.
6- ومهدي يخرج من وراء النهر يقال له: الحارث بن حران، وعلى مقدمته رجل يقال له: منصور، يمكن لآل محمد كما مكنت قريش لرسول الله ﷺ.
7- ومهدي قال فيه رسول الله: «الْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُهُ اللَّهُ فِي لَيْلَةٍ».
8- ومهدي قال فيه رسول الله: «إِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا، وَإِنَّ أَهْلَ بَيْتِي سَيَلْقَوْنَ ذلًّا وَتَشْرِيدًا من بعدي، حَتَّى يَأْتِيَ قَوْمٌ مِنْ الْمَشْرِقِ، مَعَهُمْ رَايَاتٌ سُودٌ فَيَسْأَلُونَ الْحَقَّ فَلَا يُعْطَوْنَهُ، فَيُقَاتِلُونَ فَيُنْصَرُوْنَ وَيُعْطَوْنَ مَا سَأَلُوا، فَلَا يَقْبَلُوهَا حَتَّى يَدْفَعُوهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَيَمْلَؤُهَا قِسْطًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا».
9- ومهدي أخواله كلب.
10- ومهدي قال فيه رسول الله: «لَا مَهْدِيَّ بعدي إِلَّا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ».
وهذه الأحاديث هي التي يزعم المتعصبون لصحة خروج المهدي بأنها صحيحة ومتواترة بالمعنى، وهي لا صحيحة ولا صريحة ولا متواترة.
* * *