متقدم

فهرس الكتاب

 

(88) نموذج ثالث للخطبَة الأخيرة

الحمد لله الذي هو بكل لسان محمود، وفي كل مكان معبود. وعند كل شأن مقصود، أحمده، منه بدأ الحمد وإليه يعود، وأشكره وأسأله من فضله الممدود، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة إخلاصها للدين عمود، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أجل حامد من الخلق ومحمود، اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه الركع السجود، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فيا جامعًا للدنيا وللأعمال الصالحة لم يجمع، ويا سامعًا للمواعظ وكأنه لم يسمع، إلى كم تتمادى في القبيح لا تبقي ولا تدع، إلى كم تتشاغل بدنياك عن الصلوات والمساجد والجمع، أما علموا أن من ترك الصلاة عامدًا كان بذلك كافرًا، وأن من ترك جمعة اسود ثلث قلبه، فكيف بمن ترك ثلاث جمع، ومن لا تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر فهو بعيد من الله، ولو سجد وركع، ومن شرب المسكرات قسا قلبه، وقل الحياء من وجهه وانتزع، ومن شهد شهادة لا يعلمها، أو كتم شهادة يعلمها، فكأن ما بينه وبين الله قد انقطع، ومن قتل مسلمًا، أو أعان على قتله، أعد الله له في جهنم أشر البقع، فما حيلتك أيها العاصي في ذلك المجمع، إذا تجلى الجبار واطلع، ونادى المنادي: يا أهل الموقف أجمع، أين من أغلق الباب وأسبل الحجاب وترك الصلوات، وشرب المسكرات، وارتكب الفواحش والبدع؟ أما علمت أن الله عليك قد اطلع؟

فبادروا عباد الله بفكاك أنفسكم بالتوبة والأعمال الصالحة قبل أن يأتي من الله ما لا يدفع، يوم لا مال ينفع، ولا ولد في والده يشفع، إلا من أتى الله بقلب سليم يخشع.

فانتبهوا من غفلتكم، وحافظوا على فرائض ربكم، ﴿وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ [الأنفال: 1].

﴿رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ [الحشر: 10].

﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَٱلۡإِحۡسَٰنِ وَإِيتَآيِٕ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَيَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡبَغۡيِۚ يَعِظُكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ ٩٠ [النحل: 90].

وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين.