متقدم

فهرس الكتاب

 

(3) المحَافظة على الصّلوات الخَمْس وكوْنها العُنوان عَلى صحّة الإيمَان

الحمد لله العفو الغفور، الرؤوف الشكور الذي وفق من أراد هدايته لمحاسن الأمور، ومكاسب الأجور. فعملوا في حياتهم أعمالاً صالحة لوفاتهم، يرجون بها تجارة لن تبور. وأشهد أن لا إله إلا الله بيده مواقيت الأعمار، ومقادير الأمور. وأشهد أن محمدًا نبيه ورسوله الداعي إلى كل عمل مبرور. اللهم صل على نبيك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فإن الله سبحانه خلق الخلق لعبادته، وأمرهم بتوحيده وطاعته وأوجب ذلك عليهم في خاصة أنفسهم، وأن يجاهدوا عليه أهلهم وأولادهم ﴿وَجَٰهِدُواْ فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِۦۚ هُوَ ٱجۡتَبَىٰكُمۡ وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖ [الحج: 78]. فالطاعة قيد النعم والمعاصي من أسباب حلول النقم. ورأس الطاعة بعد الشهادتين: الصلاة التي هي عمود الديانة، ورأس الأمانة، تهدي إلى الفضائل، وتكف عن الرذائل. تذكر بالله الكريم الأكبر، وتصد عن الفحشاء والمنكر، يقول الله سبحانه: ﴿ٱتۡلُ مَآ أُوحِيَ إِلَيۡكَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تَصۡنَعُونَ ٤٥ [العنكبوت: 45]. تفتح باب الرزق، وتيسر الأمر، وتشرح الصدر، وتزيل الهم والغم، وهي من أكبر ما يستعان به على أمور الحياة وعلى جلب الرزق، وكثرة الخيرات، ونزول البركات، وقضاء الحاجات.

وكان الصحابة إذا حزبهم أمر من أمور الحياة، أو وقعوا في شدة من الشدائد، فزعوا إلى الصلاة؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلۡخَٰشِعِينَ ٤٥ [البقرة: 45] فهي قرة العين للمؤمنين في الحياة، كما في الحديث أن النبي ﷺ قال: «حُبب إلي من دنياكم الطيب والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة». رواه الإمام أحمد، والنسائي من حديث أنس. وهي خمس صلوات مفرقة بين سائر الأوقات؛ لئلا تطول مدة الغفلة بين العبد وبين ربه. من حافظ عليها كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له عند الله عهد.

فـ«الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ» كما ثبت ذلك بالحديث[17] وقد وصفها رسول الله ﷺ ««بنهرٍ غمرٍ - أي كثير - يَغْتَسِلُ مِنْهُ المُسلم كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَىْءٌ؟» قَالُوا لاَ. قَالَ: «فَکذَلِكَ الصَّلَوَات الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا»»[18].

وإنما سميت صلاة؛ من أجل أنها تشتمل على الدعاء أو من أجل أنها صلة بين العبد وبين ربه. فالمصلي متصل بربه، موصول من فضل الله وبره وكرمه. كما في الحديث أن النبي ﷺ قال: «آمُرُكُمْ بِالصَّلاَةِ فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ قِبَل وَجْهِ عَبْدِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ فِي صَلَاتِهِ»[19]. فالمحافظة على فرائض الصلوات في الجماعات هي العنوان على صحة الإيمان، لأن الله يقول: ﴿إِنَّمَا يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ فَعَسَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ ١٨ [التوبة: 18]. وعمارتها تحصل بالصلاة فيها، ومن بنى مسجدًا يحتسب ثوابه عند الله بنى الله له قصرًا في الجنة، أما من بنى مسجدًا ثم هجره من الصلاة فيه، فإنه آثم في عمله وهجرانه لمسجد ربه، وفي الحديث أن الناس في آخر الزمان يعمرون المساجد، ولا يذكرون الله فيها إلا قليلاً.

وكان الصحابة يرون التارك للصلاة في الجماعة منافقًا، يقولون ذلك ولا يأثمون، كما في صحيح مسلم، عن ابن مسعود قال: لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة في الجماعة إلا منافق معلوم النفاق.

لأن من صفة المنافق ما أخبر الله عنهم بقوله: ﴿وَإِذَا نَادَيۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُوٗا وَلَعِبٗاۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ ٥٨ [المائدة: 58]. فنفى الله عنهم العقل الصحيح؛ من أجل عدم إجابتهم لنداء الصلاة؛ الذي هو نداء بالفلاح والفوز والنجاح.

وإنما سُمي العقل عقلاً من أجل أنه يعقل عن الله مراده، أمره ونهيه. أو من أجل أنه يعقل صاحبه على المحافظة على الفرائض والفضائل، ويردعه عن منكرات الأخلاق والرذائل. لن ترجع الأنفس عن غيها ما لم يكن منها لها زاجر إنه لو كان عند هؤلاء التاركين للصلاة في الجماعة عقل صحيح، لما أهملوا حظهم من هذا الفلاح. والمنادي ينادي فيهم: حي على الصلاة، حي على الفلاح. والنبي ﷺ يقول: «من دُعِيَ إلى الفلاح فلم يجب لم يرِد خيرًا ولم يُرَد به خير»[20] ويقول: «إن الجفاء كل الجفاء والكفر والنفاق فيمن سمع داعي الله بالصلاة ثم لا يجيب»[21] وقد همَّ رسول الله ﷺ بإحراق بيوت المتخلفين عن الصلاة في الجماعة، لولا ما اشتملت عليه البيوت من الذرية والنساء الذين لا تجب عليهم الجماعة. لاسيما إذا كان هذا التارك للصلاة في الجماعة من المنتسبين للعلم أو من الأساتذة المعلمين، فيسمع النداء، ثم يصر مستكبرًا عن الحضور إلى المسجد، فإنه يكون فتنة للعامة، لأن تخلفه بمثابة الدعاية السافرة، وبمثابة التعليم منه بهجران المساجد، بحيث يتوهم العامة بنظرهم إليه أن صلاة الجماعة ليست بواجبة.

والنبي ﷺ قد حذر من الاغترار بمثله فقال: «ما بال أقوام يتخلفون عن الصلاة في الجماعة فيتخلف بتخلفهم آخرون، أولئكم شراركم أولئكم شراركم»[22] لأن الناس يقلد بعضهم بعضًا في الخير والشر. وقال: «مَا مِنْ ثَلاثَةٍ فِي قَرْيةٍ، وَلاَ بَدْوٍ، لا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلاَةُ إلاَّ قَد اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِم الشَّيْطَانُ . فَعَلَيْكُمْ بِالجَمَاعَةِ، فَإنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنَ الغَنَمِ القَاصِيَة». رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم بإسناد صحيح.

ومن المشاهد بالتجربة والاعتبار أن الذين لا يشهدون الصلاة في الجماعة أنهم غالبًا لا يصلون وحدهم؛ لأن التهاون بالشيء مدعاة إلى تركه.

إن رأس العلم خشية الله. فلو كان عند هؤلاء المنتسبين للعلم نصيب من خشية الله لما أهملوا حظهم من حضور الصلاة في الجماعة التي من حافظ عليها كان في ذمة الله وعهده ورعايته؛ لما في الحديث الصحيح أن النبي ﷺ قال: «مَنْ صَلَّى الْعَشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ فِي ذِمَّةِ اللهِ حَتَّى يصبح، وَمَنْ صَلَّى الْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ فِي ذِمَّةِ اللهِ حَتَّى يُمْسِي». وقال: «مَنْ صَلَّى الْعَشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيْامِ اللَّيْلِ كُلِّهِ»[23].

والمتخلف عن الجماعة قد خسر هذا الخير كله.

إن أعظم الناس بركة، وأشرفهم مزية ومنزلة الرجل يكون في المجلس وعنده جلساؤه، وأصحابه، وأولاده، وخدمه، فيسمع النداء بالصلاة، فيقوم إليها فزعًا وفرحًا، ويأمر من عنده بالقيام إلى الصلاة معه، فيؤُمُّون مسجدًا من مساجد الله لأداء فريضة من فرائض الله، يعلوهم النور والوقار على وجوههم، كل من رآهم ذكر الله عند رؤيتهم، أولئك الميامين على أنفسهم، والميامين على جلسائهم وأولادهم ﴿ٱلَّذِينَ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقَوۡلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحۡسَنَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمۡ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ ١٨ [الزمر: 18].

وبضد هؤلاء: قوم يجلسون في المجالس، وفي المقاهي وفي النوادي، وفي ملاعب الكرة، فيسمعون النداء بالصلاة ثم لا يجيبون. ألسنتهم لاغية، وقلوبهم لاهية، ﴿ٱسۡتَحۡوَذَ عَلَيۡهِمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَأَنسَىٰهُمۡ ذِكۡرَ ٱللَّهِۚ أُوْلَٰٓئِكَ حِزۡبُ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ أَلَآ إِنَّ حِزۡبَ ٱلشَّيۡطَٰنِ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ ١٩ [المجادلة: 19] فهؤلاء هم المشائيم على أنفسهم، والمشائيم على جلسائهم وأولادهم.
يشقى رجال ويشقى آخرون بهم
ويسعد الله أقواما بأقوام
أما التارك للصلاة بالكلية؛ بحيث يمر عليه اليوم واليومان، والشهر والشهران وهو لا يصلي، وربما يتعذر بعدم طهارة ثوبه وسراويله فهذا كافر قطعًا، بشهادة رسول الله عليه ﴿وَقَدۡ خَابَ مَنِ ٱفۡتَرَىٰ [طه: 61]. ففي صحيح مسلم عن جابر أن النبي ﷺ قال: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ، مَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ». وقال: «الْعَهْدُ الَّذِى بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلاَةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ»[24]. وروي: «لا دِينَ لِمَنْ لا صَلَاةَ لَهُ»[25].

إن موضع الصلاة من الدين كموضع الرأس من الجسد؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، وهي آخر ما يفقد من دين كل إنسان. ولهذا كان العلماء يسمونها الميزان، فإذا أرادوا أن يبحثوا عن دين إنسان سألوا عن صلاته، فإن حُدِّثوا بأنه يحافظ على الصلاة علموا بأنه ذو دين، وأنه مؤمن. وإن حُدِّثوا بأنه لا حظ له في الصلاة علموا بأنه لا دين له، ومن لا دين له جدير بكل شر، بعيد عن كل خير، وعادم الخير لا يعطيه، وكل إناء ينضح بما فيه ﴿فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِۗ وَنُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ ١١ [التوبة: 11].

وقد حكى بعض العلماء إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة عمدًا، كما أن أئمة المذاهب الأربعة قد أجمعوا على كفر من استباح ترك الصلاة؛ إذ لا يصر على ترك الصلاة مؤمن بوجوبها.

فحافظوا على فرائض ربكم، وخذوا بأيدي أولادكم إلى الصلاة في المساجد معكم، فإن من شب على شيء شاب على حبه، ولأنه بأخذ يد الولد إليها، ومجاهدته عليها يعود بها ملكة راسخة في قلبه، تحببه إلى ربه وتقربه من خلقه، وتصلح له أمر دنياه وآخرته، ولأنها بمثابة الدواء الفرد، تقيم اعوجاج الولد، وتصلح منه ما فسد، وتذكره بالله الكريم الأكبر، وتصده عن الفحشاء والمنكر.

وإنكم متى أهملتم تربية أولادكم، فلم تهذبوهم على الصلاح وفعل الصلاة في المساجد معكم؛ فإنه لا بد أن يتولى تربيتهم الشيطان، فيحبب إليهم الكفر والفسوق والعصيان، وصدق الله العظيم ﴿وَمَن يَعۡشُ أي يعرض ﴿عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنٗا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ ٣٦ وَإِنَّهُمۡ لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ ٣٧ [الزخرف: 36-37].

أما إذا ترك الوالد الصلاة فإن الولد يتأسى به في تركها؛ لأن الوالد مدرسة لأولاده في الخير والشر. وإذا صلح الراعي صلحت الرعية، وإذا فسد الراعي فسدت الرعية، فمتى ترك الوالد الصلاة تركها الولد، وتركتها الزوجة والبنات، أو شرب المسكرات شربها الولد، أو شرب الدخان - التنباك - شربه الولد، أو أطلق لسانه باللعن والشتم عند أدنى مناسبة، أطلق أولاده ألسنتهم به؛ لأن هذا بمثابة التعليم الذي ينطبع في أخلاقهم، والجريمة جريمة المربي الذي لم يؤسس فعل الخير في أولاده.

كما يجب على المرأة المحافظة على واجبات دينها؛ من طهارتها وصلاتها، وأن تأمر أولادها وبناتها بذلك، فإنها مسؤولة عن حسن تربيتهم. وفي الحديث: «المَرْأةُ رَاعِيَةٌ في بيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا»[26].

فيا معشر المسلمين. إن الله سبحانه قد شرفكم بالإسلام، وفضلكم به على سائر الأنام، متى قمتم بالعمل به على التمام، وإن دين الإسلام هو بمثابة الروح لكل إنسان، فضياعه من أكبر الخسران.

وإن الإسلام ليس بمحض التسمي به باللسان، والانتساب إليه بالعنوان، ولكنه ما وقر في القلب وصدقته الأعمال.

إن للإسلام صُوًى ومنارًا كمنار الطريق يُعرف به صاحبه. فاعملوا بإسلامكم تُعرفوا به، وادعوا الناس إليه تكونوا من خير أهله. فإنه لا إسلام بدون العمل. وقد وصف الله المؤمنين بقوله: ﴿وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ سَيَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ ٧١ [التوبة: 71]. فمتى سافر أحدكم إلى الأقطار الأجنبية لحاجة التعلم، أو لحاجة العلاج، أو لحاجة التجارة؛ فمن واجبه أن يظهر إسلامه في أي بلد يحل به، فيدعو إلى دينه، وإلى طاعة ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، وإذا حضرت فريضة من فرائض الصلوات وجب عليه أن يبادر بأدائها في وقتها، فيأمر من عنده من جلسائه وزملائه بأن يصلوا جماعة، حتى يكون مباركًا على نفسه، ومباركًا على جلسائه وزملائه.

أما إذا أهملتم تربية أنفسكم وأولادكم، وضيعتم فرائض ربكم، ونسيتم أمر آخرتكم، وصرفتم جل عقولكم وجل أعمالكم، واهتمامكم للعمل في دنياكم واتباع شهوات بطونكم وفروجكم صرتم مثالاً للمعايب، ورشقًا لنبال المثالب، وسيسجل التاريخ مساوئكم السيئة التي خالفتم بها سيرة سلفكم الصالحين الذين شرفوا عليكم بتمسكهم بالدين، وطاعة رب العالمين، فلا أدري من أحق بالأمن إن كنتم تعلمون! فانتبهوا من غفلتكم، وتوبوا من زللكم، وحافظوا على فرائض ربكم ﴿وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ [الأنفال: 1].

[17] رواه مسلم من حديث أبي هريرة. [18] متفق عليه من حديث أبي هريرة. [19] رواه الإمام أحمد من حديث الحارث الأشعري. [20] رواه مسلم وأبو داود والترمذي من حديث جندب بن عبد الله. [21] أخرجه أحمد من حديث معاذ بن أنس. [22] روي هذا الأثر بمعناه في مصنف عبد الرزاق موقوفًا على عمر بن الخطاب. [23] رواه مالك ومسلم وأبو داود من حديث عثمان بن عفان ولفظه: قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِى جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِى جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ». [24] رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي من حديث بريدة وقال: حسن صحيح. وابن ماجه وابن حبان في صحيحه. والحاكم. [25] أخرجه الطبراني من حديث ابن عمر. [26] متفق عليه من حديث ابن عمر.