متقدم

فهرس الكتاب

 

الفصل الحادي عشر

قال في النقض ص 39: قال في الدر المنثور: أخرج ابن أبي داود عن مجاهد قال: كان المقام إلى لزق البيت فقال عمر: يا رسول الله، لو نحيته عن البيت ليصلي إليه الناس ففعل ذلك رسول الله وأنزل الله آية: ﴿وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبۡرَٰهِ‍ۧمَ مُصَلّٗى. قال علي بن المديني: مرسلات مجاهد أحب إلي من مرسلات عطاء بكثير، كان عطاء يأخذ من كل ضرب. انتهى.

فالجواب: إن صاحب النقض لما أعوزه الحصول على الدلائل المقتضية للصحة والتحقيق أخذ في هذا السلوك لقصد التمويه والتضليل على حد ما قيل: إذا لم تغلب فاخلب.

وهذا الدر المنثور الذي نقل هذا الأثر منه هو من مؤلفات السيوطي عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى في سنة "911هـ" فسر فيه القرآن بالمأثور، أي بالآثار المسندة عن رسول الله ﷺ وعن السلف، ومن أجل أنه يضيق عليه المقام من تطبيق الآثار على القرآن صار يستشهد بكل ما يجد من أثر ضعيف وجيد، وابن أبي داود الذي رواه عن مجاهد هو مجهول لكونه يتسمى بهذا الاسم ما يقدر بعشرة أشخاص كل واحد منهم يسمى ابن أبي داود، فأهل الحديث يعرفون كل واحد بنسبه وجده وبلده، والكلام هنا في عدم نسبة هذا القول إلى مجاهد لا في مرسلاته، فلا يصح الاستدلال بمثل هذا المرسل ما دام راويه مجهولاً وشرطه مفقودًا وهو صحة السند إلى مجاهد ووجود المعارض الذي هو أقوى منه، وهو ما ثبت عنه بخلافه بطريق صحيح وهو ما رواه عبد الرزاق بن همام في مصنفه عن معمر عن حميد الأعرج عن مجاهد قال: أول من أخر المقام إلى موضعه الآن هو عمر بن الخطاب. فهذا القول هو الثابت عن مجاهد، ورواته كلهم ثقات من رجال البخاري، فلا مداناة بين السندين فضلاً عن المساواة.

ومجاهد هو القائل: إن المقام النازل في شأنه القرآن هو الحج كله.

* * *