متقدم

فهرس الكتاب

 

(2) مذهب الإمام الشافعي - رحمه الله -

المشهور من مذهب الإمام الشافعي، أن ما عدا الواجب والصدقة والاستغفار لا يفعل عن الميت ولا يصل ثوابه إليه، فلا يصل إليه ثواب الأضحية ولا القراءة ولا حج التطوّع.

قال في تحفة المحتاج شرح المنهاج: ولا تقع أضحية عن ميت إن لم يوص بها، ويفرق بينها وبين الصدقة، أنها -أي الأضحية- تشبه الفداء عن النفس فتوقفت على الإذن ولا إذن لميت بخلاف الصدقة، فمن ثم لم يفعلها وارث ولا أجنبي، بخلاف نحو حج واجب وزكاة وكفارة، لأن هذه تشبه الديون ولا كذلك التضحية، أما إذا أوصى بالأضحية فتصح كما صح «عن علي أن النبي ﷺ أمره أن يضحي عنه كل سنة»[27]. وقال في حاشية الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع: ولا تجزئ تضحية لأحد عن آخر ولو كان ميتًا كسائر العبادات، وقال النووي في المجموع شرح المهذب: لو ضحى عن غيره بغير إذنه لم يقع، وأما التضحية عن الميت فقد أطلق أبو الحسن العبادي جوازها، لأنها ضرب من الصدقة، والصدقة تصح عن الميت وتنفعه وتصل إليه بالإجماع.

وقال صاحب العمدة والبغوي: لا تصح التضحية عن الميت إلا أن يوصي بها وبه قطع الرافعي في المجرد، واحتج العبادي وغيره في التضحية عن الميت بحديث علي: «أنه كان يضحي بكبشين عن النبي ﷺ وقال: إن رسول الله أوصاني أن أضحي عنه»[28]. انتهى.

فقد عرفت أن كثيرًا من الفقهاء لمّا سمع بحديث علي أخذ بظاهره حين ظنه صحيحًا، فمنهم من بنى عليه القول بصحة الأضحية عن الميت مطلقًا، ومنهم من بنى عليه القول بصحة الوصية بها والوقف عليها، والحق أن هذا الحديث ضعيف متروك لا يحتج به، كما حقق ذلك أهل الحديث.

[27] أخرجه الترمذي من حديث علي بن أبي طالب. [28] أخرجه الترمذي من حديث علي بن أبي طالب.