متقدم

فهرس الكتاب

 

الوجه الثامن:

أن قدماء فقهاء الحنابلة من لدن القرن الثاني الذي فيه الإمام أحمد إلى القرن الثامن الذي فيه شيخ الإسلام، لم يحفظ عن أحد منهم ولم نجد في شيء من كتبهم القول بمشروعية الأضحية عن الميت إلى أن نسب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- القول باستحبابها، ثم أخذها صاحبا الإقناع والمنتهى فأدخلاها على المذهب في القرن الحادي عشر، حيث قالا: وأضحية عن ميت أفضل منها عن حي. وفي الإقناع: وذبحها ولو عن ميت أفضل من الصدقة بثمنها.

وقد علمنا أن قولهما في استحباب الأضحية عن الميت أنه قد طبع وانتشر واشتهر وحفلت به الجماهير والخلق الكثير ورسخت حقيقته في ذهن الصغير والكبير إلى حالة أنهم صاروا يضحون لموتاهم وينسون أنفسهم على نسبة عكسية من مشروعية الأضحية. وليس كل ما يكتبه الفقيه أو يفتي به يكون حجة على الناس بدون دليل يؤيده، لأن الفقيه قد يقول القول المرجوح الذي يعجزه أن يقيم الحجة على صحته فيطبع وينشر وتحفل به الجماهير والخلق الكثير وهو غير صحيح في نفس الأمر والواقع، وقد ذكر حمد بن ناصر بن معمر من مشايخ الدعوة أن سبب منشأ القول بمشروعية الأضحية أن الفقهاء لمّا سمعوا بحديث حنش الصنعاني عن علي أن رسول الله أوصاه أن يضحي عنه فظنوه صحيحًا وبنوا على ظنهم جواز العمل به.