اللحوم والدجاج المستورد من البلدان الشيوعية
لقد قلنا: إنه متى جلب لنا شيء من اللحوم والدجاج من إحدى البلدان المجهولة، فإنه يجوز لنا أن نسمي الله، ثم نأكلها ولا نسأل عنها، اعتمادًا على أصل الإباحة، ولدخولها في عموم حديث: «سَمُّوا اللهَ أَنْتُمْ، وَكُلُوا» رواه البخاري.
وجاء عمر بن الخطاب ومعه عمرو بن العاص إلى حوض فيه ماء وعنده صاحبه، فقال عمرو: يا صاحب الحوض، هل ترد على مائك الكلاب والسباع؟ فقال عمر: يا صاحب الحوض، لا تخبرنا، نحن نرد على الكلاب والسباع وترد علينا.[141] فأبقى عمر الماء على حالة الطهور كحالته السابقة.
وإن الشيوعيين من أهل الصين غالبهم كفار بوذيون، وقد اختلط بهم كثير من شتى الأمم، ففيهم يهود ونصارى، ومجوس وصابئون ومشركون، وفيهم من المسلمين عدد كثير حتى قيل: إن المسلمين فيهم يبلغون خمسين مليونًا، وقيل: خمسة وستين مليونًا[142]، والله أعلم.
وقد فتح المسلمون بلدان فارس والروم، وهي مختلطة من شتى الأمم، فكانوا يأكلون لحومهم ولا يسألون عن كيفية ذبحها، ولا عمن ذبحها، ولم ينصبوا مراقبين على القصّابين. فهؤلاء الشيوعيون لا يطلق عليهم لقب المشركين، لكون القرآن عندما يذكر أهل الأديان يذكر المشركين صنفًا غير صنف سائر الكفار، كقوله سبحانه: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّٰبِِٔينَ وَٱلنَّصَٰرَىٰ وَٱلۡمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُوٓاْ﴾ [الحج: 17].
فعطف الذين أشركوا على سائر الأمم والعطف يقتضي المغايرة.
ثم إن لقب الشيوعية هي اسم لنحلة الاشتراكية العلمية، أي التي لا دين لها، افترضها عليهم زعماؤهم قهرًا وقسرًا، وأكثرهم لها كارهون. فهي تشمل جميع من بالصين من مسلم وكافر. فلا يتعلق بها شيء من تحريم الذبائح أو حلها، وإنما يتعلق الكلام في التحريم بما انتحلوه من الكفر بالله.
* * *
[141] أخرجه مالك من حديث عمر بن الخطاب. [142] نشرت مجلة المجتمع في عددها 425 بتاريخ 25 محرم 1399هـ. أن عدد المسلمين بالصين 65 مليون مسلم يحافظون على إسلامهم وشخصيتهم.