متقدم

فهرس الكتاب

 

واجب الحكام في حفظ أخلاق الشباب

فمن الواجب على حكام المسلمين الذين جعلهم الله رعاة على عباده المؤمنين أن يحموهم مما يضرهم، مما يعد في استطاعتهم، فإن الوقاية خير من العلاج، وإن أضر ما يصاب به الشاب هو إهماله وإلقاء حبله على غاربه، يتصرف كيف يشاء بدون وازع ولا مراقب، والله يزع بالسلطان أعظم مما يزع بالقرآن، ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض.

إن مما نستدرك على حكام المسلمين ما عسى أن يكونوا غافلين عن مضرته وسوء عاقبته، وذلك في فتحهم الأبواب لتسفير الطلاب إلى الخارج من بلدان أوروبا وأميركا للتعلم كما زعموا. ولا أدري ما هذا العلم الذي يبتغونه عند أساتذة النصارى؟ أهو من العلم الضروري الذي يتعذر الحصول عليه في بلدان المسلمين، كالعلم بوسائل الصعود إلى سطح القمر؟ أم هو العلم الشهير في سائر الجامعات والكليات والمعاهد والمدارس في سائر البلدان الإسلامية؟

وإننا لا نعلم شيئًا يبتغونه خارج البلدان العربية سوى تعلم اللغة الأجنبية؛ إذ هي غاية قصدهم ونهاية علمهم وعملهم. وإن الحصول عليها سهل متيسر في بلدهم كسائر العلوم والفنون. وذلك أن الله سبحانه قد أنعم على المسلمين بنعم كثيرة، منها نعمة الغنى بالمال الوافر الذي يستطيعون أن يجلبوا به كل نفس ونفيس، مما يحتاجون إليه من مصانع وصنّاع وأساتذة وأطباء وعلماء لسائر الفنون، وكذا المعلمات. فهذا كله من السهل المتيسر متى صدقت العزيمة، ومتى قويت الإرادة حصل المراد. أوليس من الحزم وفعل أولي العزم أن يقتصر الطلاب على التعلم لسائر العلوم والفنون في بلادهم؛ ليستعينوا بالبيئة والمجتمع ورقابة الأهل والأصدقاء على حسن سيرهم في تعلمهم وعلى تهذيبهم وتأديبهم؟ إذ المؤانسة تقتضي المجانسة في العقائد والأخلاق.