عرض الأفلام الخليعة من أسباب خراب البلاد وفساد أخلاق العباد
إن عرض الأفلام الخليعة التي فيها النساء الراقصات العاريات اللاتي يسبحن في البحار ويلاعبن الرجال باللمس والتقبيل والاضطجاع جميعًا وتشرب معه كأس الخمر، وغير ذلك من مساوئ الأخلاق والأفعال والفواحش المكشوفة التي يشاهدها الصغار والكبار من الفواحش التي لا تبقي من الأخلاق ولا تذر. وقد قيل: حسبك من شر سماعه. فما بالك برؤيته.
ويعظم أمرها ويعم ضررها بالجهر بها لكون المؤاخذة إنما تقع بطريق المجاهرة، لكونها تعتبر بمثابة التمرين لفعل هذه الأعمال الشنيعة وعدم اتباعها بالنفرة عنها، بحيث يتعلمها النساء والأولاد للعمل بها حتى تكون لهم خلقًا، فهي بمثابة الدروس التي تنطبع محبتها في النفوس وتؤثر فيها كتأثير خمر الكؤوس، وبإدمان فعلها واستمرار رؤيتهم لها يزول عنهم الحياء والغيرة والخلق الحسن؛ لأن كثرة رؤية المنكرات تقوم مقام ارتكابها في سلب القلوب نور التمييز والإنكار؛ لأن المنكرات متى كثر على القلب ورودها وتكرر في العين شهودها، ذهبت عظمتها من القلوب شيئًا فشيئًا، إلى أن يراها الإنسان فلا يرى أنها منكرات ولا يمر بفكره أنها معاصٍ، وذلك بسبب سلب القلوب نور التمييز والإنكار، على حد ما قيل: إذا كثر الإمساس قل الإحساس.
فنشر هذه الأفلام الخليعة وعمل التسهيل لبيع الخمور الخبيثة جرثومة الفساد وخراب البلاد، وفساد أخلاق العباد وخاصة النساء والأولاد، خصوصًا نشر الأفلام الخليعة، فإنها أشد وأشر من الزنا وشرب الخمر، لكون الزاني لا يضر بفعله إلا نفسه، وزناه إنما يقع في حالة الخفية، والمعصية إذا أخفيت لم تضر إلا صاحبها، أما إذا أظهرت ولم تُغيّر ضرت العامة بسكوتهم عنها، كما ثبت بذلك الحديث.
وإن هذه الأفلام الخليعة تهدف إلى تعميم نشر الفواحش الشنيعة والأعمال الفظيعة بين الصغار والكبار، وهي من الفتن التي تُعرض على القلوب كالحصير عودًا عودًا، حتى تجعل القلوب منكوسة سودًا لا تعرف معروفًا ولا تنكر منكرًا، ولا يزال العقلاء في شتى البلدان يشكون الويلات على إثر الويلات من جراء ما أفسدت عليهم الأفلام من أخلاق البنين والبنات وسائر بيوت العائلات؛ لأنها مشهد زور ومدرسة فجور، تبعث في نفوس النساء والشباب ريح العشق والميل إلى الفجور.
فإذا أردتم أن تعرفوا عظم مضارها وتأثيرها في الأخلاق والعقيدة والدين، فانظروا إلى البلدان التي ضعف فيها الإسلام واستباح أهلها الجهر بمنكرات الفواحش والعصيان، ثم انظروا إليهم كيف حالهم وما دخل عليهم من النقص والجهل والكفر وفساد الأخلاق والعقائد والأعمال، حتى صاروا بمثابة البهائم يتهارجون في الطرقات لا يعرفون صيامًا ولا صلاة، ولا يعرفون معروفًا ولا ينكرون منكرًا، ولا يمتنعون من قبيح ولا يهتدون إلى حق، قد ضرب الله قلوبهم بعضهم ببعض فكانوا كالأنعام، بل هم أضل، قد ساءت طباعهم وفسدت أوضاعهم.