متقدم

فهرس الكتاب

 

مقارنة بين عمل ملوك الدول العربية المنتجة للبترول وعمل زعماء الاشتراكيين

إنه قبل كل شيء يجب علينا أن نكون قوّامين لله، شهداء بالقسط فيما لنا وعلينا، ولنعمل حلقة للتفاضل بين حكام العرب المسلمين، وبين زعماء الاشتراكيين، حتى يتبين لنا بها الصادق في قوله وعمله من الكاذب المهين.

إن حكام المسلمين يعتقدون حرمة أموال الغير، وحرمة التعدي عليها بأخذها بغير حق.

أما الأموال التي أخرجها الله لهم من أرضهم من ينابيع البترول، وغيرها من خزائن الأرض، ومن الذهب والفضة، فإنهم يعتقدون أن هذا المال الذي أخرجه الله لهم هو فضل من الله ساقه إليهم، واستخلفهم عليه، لينظر كيف يعملون فيه. فهم يقولون فيه مقالة المؤمن الشاكر: ﴿هَٰذَا مِن فَضۡلِ رَبِّي لِيَبۡلُوَنِيٓ ءَأَشۡكُرُ أَمۡ أَكۡفُرُۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيّٞ كَرِيمٞ ٤٠ [النمل: 40]. ولا يقولون مقالة الكافر الجاحد: ﴿إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمٍ عِندِيٓ [القصص: 78]؛ أي على حذق مني بكسبه حتى كثر ووفر.

فهم يعتقدون بأنهم مستخلفون فيه، والله ناظر كيف يعملون. وإذا نظرنا إلى عمل حكام المسلمين وتصرفهم فيما استخلفوا فيه رأيناهم قد عملوا مشيد العمران، وشواهق القصور والبنيان، التي قاموا بإنشائها من أصلها، وخصصوها للضعفة من الفقراء والمساكين على سبيل العطاء، أرضها وبنائها، وتسمى بالبيوت الشعبية، وقد بنيت على طراز واحد بالمسلح، ومساحة أرض البيت تسع بيوتًا؛ نظرًا لعائلة الشخص من بعده، وهي تماثل في مبناها ومعناها بيوت الرؤساء والتجار، مزودة بالماء والكهرباء وسائر وسائل الراحة والرفاهية، ثم تدفع مفاتيح البيت إلى هذا الفقير الذي لا يحلم بمثله، وربما دفعوا له نقودًا تقوم بكفاية بناء البيت على حسب رغبته في تنظيمه.

وهذه البيوت تعد بالآلاف في كل بلد. ولا يزالون مستمرين في عمل هذا التنظيم، ثم لا يزالون يقومون بعملهم في إعطاء المتخلفين عن السابقين بدون سآمة أو ملل.

أضف إلى ذلك إجراء الرواتب الشهرية على الضعفاء من الفقراء والمساكين والمقعدين وبعض الأغنياء، حتى عم الغنى سائر القرى من البلدان العربية، ولا زلنا نحب منهم الزيادة في رواتب المقلّين من أجل شدة المؤنة وغلاء المعيشة.

ولم يقتصروا على مساعدة الفقراء فحسب، بل ساعدوا الأغنياء على المشاريع النافعة، وبقروض الملايين إلى مدة طويلة المدى؛ لينعشوهم وينشطوا تجارتهم.

كما أنهم لم يقتصروا بفضلهم على رعاياهم فحسب، بل مدّوا يد العون والمساعدة إلى كل من يمت لهم بقرابة الإسلام من البلدان الغريبة البعيدة بالمساعدات الجزيلة، مع قيامهم بتأسيس المشاريع الخيرية من المساجد وغيرها، ينفقون فيها من فضل ما آتاهم الله من فضله، فهذا عمل حكام المسلمين.

فبالله قل لي ماذا عمل زعماء الاشتراكية الماركسية حين استولوا على أموال المؤمنين والمؤمنات، وأموال جميع الناس ومصانعهم، وأموال البنوك والشركات، وأموال الأغنياء والأوقاف، وأموال اليتامى والعجزة، وما إخالهم فعلوا شيئًا، بل هم كرماء بالكلام، يمصون دماء الأغنياء والفقراء، ثم يلوّحون لهم بكلمات العطف واللطف، فيقولون: هذا زمان الهدم، وسيأتي زمان البناء. ثم يستمر الهدم ويتزايد حتى يتقاضاهم الفناء.

فليقابل العاقل بين عمل حكام المسلمين، وبين عمل زعماء الاشتراكية حتى يتبين له الفرق بين المحقين والمبطلين، وبين المحسنين والمسيئين.
أولئك أقوامي فجئني بمثلهم
إذا جمعتنا يا جرير المجامعُ
ولسنا نقول بعصمة حكام المسلمين عن الخطأ والآثام، ولا أنهم عمّوا الناس بالغنى العام، فإنه لن يغني الناس سوى رب الناس، ورضا جميع الناس غاية لا تدرك، فنحن نشكر لهم فعل الجميل، من صغير وكبير، ولا نلومهم على التقصير؛ لأننا من المنصفين الذين يغتفرون قليل خطأ أصحابهم في جنب كثير من صوابهم.
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكمُ
من اللوم أو سُدّوا المكان الذي سدوا
أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا
وإن عاهدوا وفّوا وإن عقدوا شدوا

* * *