(6) الحُكم الشرعي في إثبات رؤية الهلال
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى قد جعل الشمس والقمر آيتين من آياته؛ بهما يستدل المسلمون على أداء كثير من العبادات، فالصلاة والصيام والحج وغيرها يتوقف القيام بها على معرفة أحوال الشمس من شروق وغروب وزوال وعلى معرفة ظهور الهلال واختفائه.
وإنه لَمِمّا يؤسف له ما يشاهد في واقع المسلمين من اختلاف في رؤية هلال رمضان وهلال شوال وهلال ذي الحجة، مما يجر معه الاختلاف المشاهد في بدء الصوم وانتهائه، وفي تحديد أيام الحج ووقتها مع أنه يمكن رؤية الهلال في أقطار الإسلام كافة في ليلة واحدة.
ومع ذلك نرى الاختلاف المؤسف في بدء الصوم وانتهائه إلى الحد الذي يصل إلى أن تصوم بعض بلاد العالم الإسلامي بعد يومين من صيام الأخرى، وكذا في فطرها، كما حدث في هذا العام.
وفي الرسالة التالية التي وجهتها إلى العلماء الأجلاء حيثما وجدوا، وإلى حكّام المسلمين على اختلاف ديارهم، دعوة إلى الالتزام بالشرع الحنيف في إثبات رؤية الهلال، وإلى التحقق الواجب في إعلان بدء الصوم وانتهائه، وفي إهلال هلال ذي الحجّة مما سيؤدي - إن شاء الله تعالى - إلى توحيد بدء أداء هذه العبادات في حياة المسلمين، إذ إن الاختلاف في هذا الأمر ناشئ بدون شك عن أحد سببين: إما عدم التثبت من رؤية الهلال، مما يجر معه الأخذ بالشهادة الكاذبة، وإما عدم وجود هيئة مسؤولة عن رؤية الهلال مؤلفة من عدول ثقات، مشهود لهم بالصلاح والخير، يوكل إليها أمر رؤية الهلال، وهذا لا ينفي بالطبع واجب المسلمين جميعًا في التماس الهلال.
أرجو الله سبحانه وتعالى أن يلهم علماء المسلمين وحكامهم والمسؤولين فيهم إلى التقيّد بالشرع الشريف، وأن تجد هذه الرسالة موقعها الحسن في نفوسهم، فيعملوا بما جاء فيها من اقتراحات. وحسبنا أننا نبذل الجهد والطاقة في سبيل خدمة هذا الدين الحنيف محتسبين في ذلك الأجر والثواب من الله، وعملاً بقوله سبحانه: ﴿وَذَكِّرۡ فَإِنَّ ٱلذِّكۡرَىٰ تَنفَعُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٥٥﴾ [الذاريات: 55] والله ولي التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
* * *