متقدم

فهرس الكتاب

 

حكم صوم أهل البلدان البعيدين عن خط الاستواء

إن أكثر البلدان التي تطلع عليها الشمس كل يوم فإنهم يرون الهلال كما نراه، إذا لم يكن ثَمّ مانع من غيوم متراكمة، إذ الهلال يتبع الشمس في مجراها ومغيبها.

فمتى طلع قبل الشمس من جهة المشرق فإنه يغيب قبلها فلا يراه أحد، أو طلع مع الشمس فإنه يغيب معها فلا يراه أحد لشدة ضوء الشمس، وإذا تأخر عن الشمس بقدر يمكن الناس أن يروه - وقدروه بعشر دقائق إلى خمس عشرة دقيقة - فإنه يمكن أن يراه الناس. ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالة الهلال.

إنه بمقتضى المشاهدة والتجربة لرؤية الهلال في بلدان الغرب كبريطانيا وفرنسا وألمانيا، فإنه متى صفا الجو وزالت السحب، فإن الناس يرون الهلال كما يراه أهل نجد والحجاز على حد سواء، وكذلك منزلته في ليالي الإبدار كثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، قد شاهدناه بالعيان، كمنزلته في نجد والحجاز على حد سواء، ولا عبرة بكون اليوم في البلدان الغربية أطول جدا منه في بلدان نجد والحجاز، فإن هذا معلوم قطعًا ولن يتغير به مطلع الهلال، إذ هو يتبع الشمس في كل بلاد الغرب، حتى إذا نزلت الشمس إلى البلدان التي تحتنا، فإنه ينزل معها كحالته عندنا، إذ نوره مقتبس من ضوء الشمس، يقول سبحانه: ﴿وَٱلشَّمۡسُ تَجۡرِي لِمُسۡتَقَرّٖ لَّهَاۚ ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ ٣٨ وَٱلۡقَمَرَ قَدَّرۡنَٰهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلۡعُرۡجُونِ ٱلۡقَدِيمِ ٣٩ لَا ٱلشَّمۡسُ يَنۢبَغِي لَهَآ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّيۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلّٞ فِي فَلَكٖ يَسۡبَحُونَ ٤٠ [يس: 38-40].

* * *