متقدم

فهرس الكتاب

 

المدرك الثالث: كل رسول نبي وليس كل نبي رسولا. وضعف هذا التفريق

قال الشيخ عبد العزيز على حديث البراء حين قال: ورسولك الذي أرسلت؛ قال له: «قُلْ: آمَنْتُ بِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ» -أخرجه في الصحيح -: ((فإن قوله: ورسولك الذي أرسلت؛ تكثير للرسالة وهو معنى واحد، فيكون كالحشو الذي لا فائدة فيه، بخلاف قولك: ونبيك الذي أرسلت. وعلى هذا فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا..)) انتهى.

فالجواب: أن الشيخ عبد العزيز أخد هذا الاستدلال تقليدًا عمن سبقه، فهو يستدل بما لا خلاف فيه وبما هو خارج عن موضع الاحتجاج والبحث.. فإننا وإياه وجميع المسلمين متفقون على أن محمدًا هو نبي ورسول لا خلاف فيه.

أما حديث البراء بن عازب أن النبي ﷺ قال له: «إِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ، وَقُلْ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ.. فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ». رواه البخاري ومسلم.

ولما قال: رسولك الذي أرسلت. قال له: «قُلْ: وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ» فأرشده النبي ﷺ إلى أن يقول: «وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ»؛ فلأن قوله: ورسولك الذي أرسلت؛ تكرار كالحشو الذي لا فائدة فيه.. وأمر آخر وهو مراعاة الأدب مع الرسول في الدعاء الذي شرعه، فهو أفضل من كونه يتصرف بتغييره من زيادة فيه أو نقص عنه. والاستدلال بهذا يعد خارجًا عن موضع النقد، إذ النبي رسول بلا خلاف.. ونحن وجميع المسلمين نقول: رضينا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًّا رسولاً، وليست هذه من خصائصه، وإنما يشاركه فيها جميع الأنبياء.