متقدم

فهرس الكتاب

 

المدرك الثاني: وصف الرسالة وصف زائد على وصف النبوة. وضعف هذا القول

قال الشيخ عبد العزيز، في قوله سبحانه: ﴿وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ مُوسَىٰٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ مُخۡلَصٗا وَكَانَ رَسُولٗا نَّبِيّٗا ٥١ [مريم: 51] قال: ((فوصفه بالرسالة والنبوة، فدل على أن الرسالة وصف زائد على النبوة..)) قال: وقال ابن كثير -رحمه الله-: وهذا دليل على شرف إسماعيل على أخيه إسحاق؛ لأنه إنما وصف إسحاق بالنبوة فقط وإسماعيل وصفه بالرسالة والنبوة.

فالجواب: أن الشيخ عبد العزيز عاجز مبهوت يتمسك في استدلاله بما هو أوهى من سَلك العنكبوت ؛ لهذا تراه يتتبع السقطات واللقطات عن العلماء التي ليس لها أصل والتي يخالفها الحق والحقيقة، من ذلك استدلاله بهذه الآية وبقول ابن كثير من تفضيل إسماعيل على أخيه إسحاق؛ لأنه إنما وصف إسحاق بالنبوة فقط وإسماعيل وصفه بالرسالة والنبوة، والله سبحانه هو أصدق القائلين وأحكم الحاكمين، وقد ذكر الله إسحاق مع الرسل بجنب أخيه إسماعيل، فقال سبحانه: ﴿۞إِنَّآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ كَمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ نُوحٖ وَٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَٰرُونَ وَسُلَيۡمَٰنَۚ وَءَاتَيۡنَا دَاوُۥدَ زَبُورٗا ١٦٣ وَرُسُلٗا قَدۡ قَصَصۡنَٰهُمۡ عَلَيۡكَ مِن قَبۡلُ وَرُسُلٗا لَّمۡ نَقۡصُصۡهُمۡ عَلَيۡكَۚ وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكۡلِيمٗا ١٦٤ رُّسُلٗا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا ١٦٥ [النساء: 163-165].

فكل هؤلاء رسل وأنبياء بإجماع العلماء، وحسبما ذكرهم الله في كتابه في هذه الآيات التي بدأها بالنبيين وختمها بالمرسلين.. فهم أنبياء ورسل ومنهم إسحاق عليه السلام بجنب أخيه إسماعيل، وصفًا ومحلًّا.. فهذا التفريق بين إسماعيل وإسحاق باطل لا حقيقة له.

أما كون إسماعيل أبو العرب أفضل من إسحاق، فهذا ثابت للبلوى التي ابتُلي بها في تسليم نفسه لربه حسب طاعة أبيه، ولمشاركته لأبيه في بناء بيت الله؛ ولهذا أكثر القرآن من ذكره، فكما أن إسماعيل نبي رسول، فكذلك إسحاق نبي رسول، فإثبات الرسالة في حقه شيء والتفاضل بينه وبين أخيه إسماعيل شيء آخر، يقول الله: ﴿۞تِلۡكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۘ [البقرة:253].