[البهائية والبابية والقاديانية دعوات باطلة مضلة]
وقد دخلت طائفة البهائية، الذين هم أشد الأمم كفرًا وعنادًا من فجوة هذا التفريق حين قالوا برسالة (بهاء الله الميرزا علي محمد)[98] حيث زعموا بأنه رسول الله، ولما استدل عليهم بعض المسلمين بقوله: ﴿وَلَٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّۧنَ﴾ [الأحزاب: 40] قالوا: إن محمدًا خاتم النبيين وليس بخاتم المرسلين، فكأنهم وجدوا في هذا التفريق بين النبيين والمرسلين فجوة يدخلون عن طريقها بباطلهم، كما هي طريقة القاديانية القائلين: إن محمدًا ليس بخاتم النبيين وإن النبوّة باقية، ﴿يُرۡضُونَكُم بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَتَأۡبَىٰ قُلُوبُهُمۡ وَأَكۡثَرُهُمۡ فَٰسِقُونَ ٨﴾ [التوبة: 8] ﴿ذَٰلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ ٢٧﴾ [ص: 27]
[98] البهائية وابتداء دعوتها: نشأت البهائية في إيران وكان أول من أنشأها رجل شيعي من مواليد الأحساء اسمه الشيخ أحمد الأحسائي سنة 1166 وسُمّوا الشيخية نسبة إليه، واشتهر بتبشيره بظهور المهدي المنتظر، وله آراء باطنية وفلسفية تحوم حول تغيير نظام الإسلام وشريعته، ويدعي أن لديه علمًا لدنيًّا تلقاه عن آل البيت، ويبشر بدعوة سرية ينظم حركتها أو يولي الخلفاء من بعده، واقتفى خطة الباطنية في تحريف القرآن والسنة إلى غير المعنى المراد منهما وفقًا لآرائه ونزعاته. وكان يقول: إنه لا يوجد بعدي من يعرف مقصدي سوى السيد كاظم الرشتي فاطلبوا علومي منه. ولم يزل متنقلاً داعيًا إلى أن توفي بجدة من أرض الحجاز سنة 1242هـ. ثم تولى كاظم الرشتي الدعاية بعده إلى أن توفي سنة 1259هـ. البابية: ثم قام علي محمد بعد وفاة الرشتي 1260هـ مدعيًا أنه نائب عن الإمام المنتظر، وأنه بابه الذي يفتح به ظهور الإمام، فسُمّوا البابية من أجله، وهم فرع من البهائية. ثم أظهر أنه الإمام المنتظر المهدي فقام بثورة وأخذ يظهر للناس فنونًا من الكفر، وأن شريعته تنسخ شريعة القرآن، وأنها قد أنهت دور الشريعة المحمدية!! فلا صلاة ولا صيام، ويعمد إلى النصوص القرآنية فيتأولها تأويلات الباطنية ويقلب حقائقها ويصرفها عن المعنى المراد منها. ثم ادعى أنه باب الله وأنه سيد من عترة الرسول ﷺ. فأنكر علماء فارس على طائفة البهائية علمهم وعملهم وحكموا بكفرهم وردّتهم، وأصدرت محكمتهم الشرعية حكمها بقتل الباب علي محمد وإعدامه لكفره وردته، فقتل في تبريز سنة 1266هـ. وجعلوا يتتبعون أتباعه حتى قتلوهم في كل مكان، ثم انتشروا في البلدان يدعون إلى نحلتهم (مذهبهم) على سبيل التقية والتستر. ومن البهائية: امرأة تدعى قرة العين، وكانت من أبرز دعاة البابية، وهي فتاة إيرانية من قزوين، بنت حاجي ملا صالح، وزوجة ابن عمها الملا محمد بن الملا نقي. المسمّى عند الشيعة بالشهيد الثالث. وقد اجتمعت هذه بالرشتي في كربلاء، فانتسبت إليه، وكتبت رسالة بتأييد شيخه الأحسائي فأجابها برسالة افتتحها بقوله: يا قرة عيني، وفرح فؤادي. فاشتهرت من ذلك الحين بهذا اللقب، وكانت على جانب عظيم من الخبرة والطلاقة والجمال، وذاع خبر السوء عنها بما يُعد اشتهارًا وفجورًا، فأسماها أنصارها بالطاهرة. ولما قيل لكاظم الرشتي عن فجورها. قال: إني والله أعلم ذلك، ولكن ماذا أصنع بامرأة سمّاها الله الطاهرة من فوق سبع سموات!!! ولم تنتزع عن الدعوى رغم حنق علماء بلدها بما فيهم أبوها، وأخوها، وزوجها، حتى أصبحت بلدها قزوين مركز دعوة البابية. القاديانية: أما القاديانية فإن مبدأها من رجل يدعى ميرزا غلام أحمد من سكنة قاديان بالهند فنسبت طائفته القاديانية إليها. ولد غلام أحمد سنة 1252هـ ولما بلغ سن التعليم تعلم بعض الكتب الفارسية وتعلم اللغة العربية والنحو والمنطق والفلسفة، ثم تقلد وظيفة في إدارة نائب المندوب السامي، ثم استقال منها لما استدعاه أبوه إلى مساعدته في أعماله الخاصة، وكان بزازًا. ثم مرض أبوه فزعم غلام أحمد بأنه نزل عليه وحي من الله أن أباه سيموت بعد الغروب فمات تلك الساعة، وهذه بداية دعوته في ادعاء نبوّته سنة 1876 ميلادي وأخذ بعد هذا يصرح بآراء يزعم بأنه نزل عليه الوحي بها. وكان المسلمون في الهند يلاقون هذه المزاعم بالإنكار الشديد. ثم أظهر منشورًا أعلن فيه بأنه المسيح المنتظر، فقام في وجهه علماء الشريعة بالهند فأنكروا عليه أشد الإنكار وكادوا يقتلونه لكنه استجار بالإنكليز فبالغت في نصرته وحمايته، وكان يصب الثناء والمدح لهم في سائر خطبه ومنشوراته، ثم انتقل غلام أحمد إلى دلهي يدعو إلى نحلته (مذهبه) ويدعي الوحي والنبوة والرسالة، وأخذ يخطب وينشر المنشورات غير مبال بالقرآن ولا بالسنة ولا بإجماع الأمة ويقول: إن كل من لم يصدق نبوتي فهو كافر!!! ويقول: إن سائر الأمم من اليهود والنصارى والمجوس الذين كذبوا نبوة محمد فإنهم سيؤمنون برسالتي! ويقول: وإن تعدوا آيات نبوتي لا تحصوها!!! إلى غير ذلك من الهراء والغرور. وليس الوحي والرسالة عند القاديانية بمقصورة على غلام أحمد بزعم نحلتهم، بل يدعون أن أتباعه ينزل عليهم الوحي! ويقولون: إن طريق الوحي لا يمكن أن يسد في وجوه الناس! ويزعم غلام أحمد أنه نزل عليه الوحي بقوله: (إني جاعلك للناس إمامًا ينصرك رجال نوحي إليهم!!) فهم ينكرون كون النبي محمد خاتم النبيين، ويزعمون أن شريعتهم قد نسخت شريعة محمد!!. وبذلك انفصلوا عن المسلمين بعقيدتهم وطريقتهم ونبيهم فليسوا من المسلمين ولا المسلمون منهم. وقد نشطوا في دعوتهم بما يخدع بها الهمج السذج الذين هم أتباع كل ناعق يميلون مع كل صائح أقرب شبهًا بهم الأنعام السائمة، وليسوا ببدع من المدعين للرسالة، فقد مضى للكذابين مثلها دعاوى، فقد ادعاها مسيلمة الكذاب والأسود العنسي والمختار بن أبي عبيد ومن بعدهم أناس صالوا بدعوتهم وصار لهم أنصار وأتباع، ثم تمزقوا وتفرقوا واضمحلوا وزالوا، والله أعلم حيث يجعل رسالته ﴿هَلۡ أُنَبِّئُكُمۡ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَٰطِينُ ٢٢١ تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٖ ٢٢٢ يُلۡقُونَ ٱلسَّمۡعَ وَأَكۡثَرُهُمۡ كَٰذِبُونَ ٢٢٣﴾ [الشُّعَرَاء: 221-223].