النوم أخو الموت، واليقظة منه بمثابة البعث بعد الوفاة
خلق الله النوم في الحياة، وجعله بمثابة النوم للوفاة، وهو آية من آيات الله تعالى. قال سبحانه: ﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ مَنَامُكُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبۡتِغَآؤُكُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ﴾ [الروم: 23]. وهو نعمة من الله، يعود على البدن بالراحة والصحة، ويستعيد البدن نشاطه وقوته.
وإن البعث بعد الموت: هو بمثابة اليقظة بعد النوم على حد سواء، فلو بقي الإنسان في قبره ألف سنة، أو ألفي سنة، ثم استيقظ للبعث يوم القيامة، فكأنه لم يلبث إلا عشية أو ضحاها، يقول الله سبحانه: ﴿وَلَا تَسۡتَعۡجِل لَّهُمۡۚ كَأَنَّهُمۡ يَوۡمَ يَرَوۡنَ مَا يُوعَدُونَ لَمۡ يَلۡبَثُوٓاْ إِلَّا سَاعَةٗ مِّن نَّهَارِۢۚ﴾ [الأحقاف: 35]، وقد أخبر سبحانه عن كرامة أهل الكهف، وأنهم لبثوا في نومهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعًا ﴿وَكَذَٰلِكَ بَعَثۡنَٰهُمۡ لِيَتَسَآءَلُواْ بَيۡنَهُمۡۚ قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ كَمۡ لَبِثۡتُمۡۖ قَالُواْ لَبِثۡنَا يَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ يَوۡمٖۚ﴾ [الكهف: 19]، فشبّه سبحانه نومة أهل الكهف الطويلة، بنومة الموت مهما طالت، وشبه بعثهم -أي استيقاظهم من نومهم- ببعثة الموت عند قيام الساعة وقولهم: ﴿لَبِثۡنَا يَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ يَوۡمٖ﴾ [المؤمنون: 113]، وكذلك الموتى متى بعثوا، كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار، ولهذا قال سبحانه: ﴿وَكَذَٰلِكَ أَعۡثَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ لِيَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لَا رَيۡبَ فِيهَآ﴾ [الكهف: 21] وقد جعل الله النوم في الدنيا، بمثابة النموذج لموت الآخرة، فهو يحقق بصدق، قيام الساعة، وأحوال القيامة، وأهوالها.