[الإيمان بالبعث بعد الوفاة]
إن الله سبحانه جعل الإيمان بالبعث بعد الموت للجزاء على الأعمال، بحيث يثاب المحسن على إحسانه، ويعاقب المسيء على عصيانه، وهو من أقوى أركان الإيمان، وقد أكثر سبحانه من ذكره في القرآن الكريم. يقول سبحانه: ﴿إِنَّ ٱلسَّاعَةَ ءَاتِيَةٌ أَكَادُ أُخۡفِيهَا لِتُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۢ بِمَا تَسۡعَىٰ ١٥ فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنۡهَا مَن لَّا يُؤۡمِنُ بِهَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ فَتَرۡدَىٰ ١٦﴾ [طه: 15-16]؛ لأن هذا الاعتقاد: هو أقوى وازع إلى أفعال الطاعات، وأعظم رادع عن مواقعة المنكرات.
لن ترجع الأنفس عن غيها
ما لم يكن منها لها زاجر
وكان السلف الصالح يكتبون في صدور وصاياهم التصريح بعقائدهم، فيقولون: هذا ما أوصى به فلان بن فلان، وهو يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور. شهادة عليها أحيا، وعليها أموت وعليها أبعث إن شاء الله.
وفي الصحيحين: عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: «قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي ابْنُ آدَمَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ، فَقَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَأَنَا الْوَاحِدُ الصَّمَدُ، لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفْوًا أَحَدٌ، أَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ، قَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِي، كَمَا بَدَأَنِي، وَلَيْسَ أَوَّلُ الخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِعَادَتِهِ».
وقد أكد سبحانه الإيمان بالبعث في كثير من الآيات، كقوله سبحانه: ﴿۞لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّۧنَ﴾ [البقرة: 177]، فسمى الله يوم القيامة باليوم الآخر، لكونه متأخرًا عن الدنيا، وفي حديث جبريل الذي رواه مسلم من حديث عمر بن الخطاب، ورواه البخاري عن أبي هريرة، أنه قال: يا رسول الله أخبرني عن الإيمان؟ فقال: «الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ». قال: صدقت. فجعل التصديق الجازم باليوم الآخر، الذي هو البعث بعد الموت، من أركان الإيمان. ومن كذب به فهو كافر بالكتاب، وبما أرسل الله به رسله، يقول الله تعالى: ﴿زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَن لَّن يُبۡعَثُواْۚ قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبۡعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلۡتُمۡۚ وَذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ ٧﴾ [التغابن: 7].