[اندفاع المسلمين بصحة عقيدتهم إلى فتح مشارق الأرض ومغاربها]
لقد اندفع المسلمون بصحة عقيدتهم في أوائل نشاطهم في القرن الأول والثاني والثالث، شجاعة باسلة وقلوب ثابتة وإيمان راسخ، فاندفعوا إلى الممالك البعيدة في مشارق الأرض ومغاربها، وبأيديهم القرآن يفتحون به ويسودون، ويدعون الناس إلى العمل به، فهو السبب الأعظم الذي به نهضوا وفتحوا وسادوا وبلغوا المبالغ كلها من المجد والرقي، حتى استطاعوا أن يثلّوا عروش كسرى وقيصر في أقصر مدة من الزمان، وهم أرقى الأمم حضارة وقوة ونظامًا وعددًا وعدة.
فما كان خوضهم لهذه المعارك التي هي غاية في اقتحام المهالك إلا من أجل إيمانهم بالقضاء والقدر على الوجه الصحيح، وأنها لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فهذا الاعتقاد هو الذي ثبّت أقدام المسلمين مع قلتهم وضعفهم أمام جيوش أعدائهم التي يغص بها الفضاء، وتعج من كثافتها الأرض والسماء، فكشفوهم بقوة الإيمان، ثم نشروا التوحيد والصلاح والسعادة في سائر البلدان، وكانوا ممن قال الله فيهم: ﴿ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡاْ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ ٤١﴾ [الحج: 41].
﴿سُبۡحَٰنَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلۡعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ١٨٠ وَسَلَٰمٌ عَلَى ٱلۡمُرۡسَلِينَ ١٨١ وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٨٢﴾ [الصافات: 180-182].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
حرر في 20 ربيع الثاني سنة 1396 هـ
* * *