متقدم

فهرس الكتاب

 

[اختراع هذا المخلوق بصنعته آلات تكتب كل ما تسمعه وتحصي حساب الداخل والخارج من مصاريف الماء والكهرباء بدون قلم ولا مداد وصنع الله الذي أتقن كل شيء هو أعلا وأجل]

وقد اخترع هذا المخلوق بصنعته آلة تكتب كل ما تسمعه من الكلام بدون يد ولا مداد ولا قلم، فتسجل جميع ما تسمعه من الكلام وأهلها نائمون على فرشهم، كما هي معروفة وموجودة في دور الإذاعات، ومثله الآلة التي اخترعوها لإحصاء حساب الخارج من مصاريف الماء والكهرباء بما يسمونه العدّاد، فيكتب كل ما يخرج بدون قلم ولا مداد وأهله غائبون عنه، وهي صنعة مخلوق فما بالك بالخالق القادر على كل شيء، والفعال لما يريد، إذا أراد أمرًا قال له:كن؛ فيكون، ﴿لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةً إِلَّآ أَحۡصَىٰهَاۚ [الكهف: 49]، ﴿وَمَا يَعۡزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثۡقَالِ ذَرَّةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَآ أَصۡغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡبَرَ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مُّبِينٍ ٦١ [يونس: 61].

وإنما ذكرت هذا لتقريب الأذهان إلى الإذعان بالإيمان بالقرآن، فهو سبحانه يعلم بالمصيبة قبل وقوعها. وعلمه سبحانه بها ليس هو الذي أوقع المصاب في المصيبة وإنما وقعت بالأسباب المترتبة على وقوعها، فإن كان وقوعها بسبب تقصير من الشخص بإهمال الأسباب والوسائل التي تقيه من الوقوع فيها ويأمره دينه باستعمالها، فإنه ملام على تقصيره في حماية نفسه وعدم استعماله للأسباب الطبيعية التي تحفظه ﴿وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ [الشورى: 30] وإن كان لا طاقة له بدفع هذه المصيبة فإنه معذور ويلجأ إلى قوله: «قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ» والنبيﷺ في الحديث الصحيح قال: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» [4].

[4] رواه مسلم عن أبي هريرة.